المشهد الاقليمي محور الصراعات في #٢٠٢٣. الاحتجاجات كسرت ظهر النظام في العام المنصرم .. #إيران نمر من ورق
Iranian demonstrations has broken the regime back in #2022
.. The regional scene will remain the conflict hub in #2023..Iran is a paper tiger
من الواضح أن المشهد الإقليمي الذي كان محور الصراعات في العام المنصرم، سيكون خلال العام 2023، هو معقل التفاعلات والتوازنات، وإعادة التموضع في عدد من الملفات المتعلقة بايران والعراق وسورية واليمن، كونها مرتبطة ببعضها البعض، حيث يدير النظام الايراني ملفات هذه الدول من خلال المليشيات الطائفية التابعة لها التي عاثت في هذه الدول الفساد واهلكت الحرث والنسل.
بالنسبة لإيران فهي اليوم نمر من ورق، فالاحتجاجات كسرت ظهر النظام الايراني الذي أصبح يعاني عزلة في محيطه وفي العالم. وتدخل إيران عام 2023 وهي تواجه أزمات داخلية وخارجية غير مسبوقة. وتمر إيران دائماً بأزمات وضغوط، إلا أن الصحيح أيضاً أن هذا الكم من الأزمات لم يتصاعد في توقيت واحد مثلما يبدو في الوقت الحالي. وإذا كان عام 2022 قد شهد اندلاع بعض هذه الأزمات، فإن عام 2023 قد يشهد مضاعفاتها، أو بمعنى أدق تداعياتها؛ فإما أن تتواصل بعض تلك الأزمات التي تتسم بالتمدد، وإما أن تبدأ في إنتاج معطيات جديدة على مستوى السياسات الداخلية والخارجية. وتتمثل أبرز ملامح التحولات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تشهدها إيران في عام 2023، في استمرار انعكاسات الاحتجاجات الداخلية، وتراجع هيبة النظام، واستمرار ظاهرة الاختراقات الأمنية، وتصاعد الضغوط على حكومة إبراهيم رئيسي، وتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية، إلى جانب استمرار التوتر مع الدول الغربية، والمراوحة بين التصعيد والتهدئة مع دول الجوار، وتعزيز العلاقات مع روسيا والصين، وتفاقم الصراع مع إسرائيل.
ويؤكد المراقبون تداعيات سياسية مستمرة للاحتجاجات ويبدو أن الاحتجاجات التي اندلعت منذ منتصف سبتمبر 2022، سوف تفرض تداعيات طويلة الأجل؛ فحتى إذا نجح النظام في إضعافها تدريجياً، فإن انعكاساتها سوف تبقى وسيكون لها تأثير قوي على العلاقة بين النظام والشارع في المرحلة القادمة. ومن دون شك، فإن ذلك يعود إلى أن المحتجين استطاعوا مواجهة الآلة القمعية التي اتبعها النظام من البداية، بشكل أدى إلى تطور الاحتجاجات وتمددها ووصولها إلى معظم أنحاء إيران.
وليس هناك رأيين أن هيبة نظام خامنئي اندحرت، ويمكن القول إن الاحتجاجات الحالية أسفرت عن تراجع هيبة ومكانة المؤسسات الرئيسية في النظام، وفي مقدمتها مؤسسة المرشد الإيراني نفسه؛ إذ إن النظام فشل في اتباع السياسة السابقة القائمة على تحميل الحكومة المسؤولية عما تؤول إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مع إبعاد تلك المسؤولية عن المرشد. وبالطبع، فإن ذلك يعود في المقام الأول إلى أن المحتجين أدركوا أن الأسباب الحقيقية للأزمة الداخلية تكمن في السياسات التي يتبعها النظام وليس في الإجراءات التنفيذية التي تتخذها الحكومة.
النووي الإيراني
وبالنسبة للاتفاق النووي الايراني فلا خيار ثالث للحل، في عام 2023 وهو، إما قد يكون هناك حل نهائي لأزمة البرنامج النووي الإيراني تحقق مصالح المنطقة تبعد هواجس وتهديدات النووي الايراني عن المنطقة، او مواجهة العقوبات الدولية الصارمة.
إيران تصر من جانبها على ضمان تعهد أميركي بعدم الاتفاق مجدداً إذا، فاز الجمهوريون بالانتخابات الرئاسية القادمة، وهو تعهد لا يستطيع الرئيس بايدن تقديمه.
اتفاق مرحلي
في المقابل، قد يكون الحل في اتفاق مرحلي بين الطرفين، لا يعيد الاتفاق النووي برمته، ولكن يكون بمثابة محاولة لوقف تطور البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع جزئي للعقوبات، إلى حين الوصول لاتفاق نهائي.
الخيار الثالث هو استمرار الأزمة، التي ستراوح مكانها، مع مفاوضات متباطئة ومتعثرة دون انهيارها، ومواصلة إيران تقدمها في بناء القنبلة النووية، تطوير برنامجها عام بنفس وتيرة العام الماضي، يعني أنها قد تقترب فعلاً من العتبة النووية.
سورية.. مكانك سر
وبالنسبة إلى سورية، فإن الترجيحات تصب فيما بين احتمالين، يتمثل الاول في انها ستراوح مكانها بحيث لن تحدث انفراجة كبيرة برغم الضغوط المعيشية القاسية التي يمر بها السوريون والقبضة الحديدية لنظام بشار، وبين احتمال ثان، يتمثل في سعي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لتحقيق تقارب مع دمشق، قبل الانتخابات الرئاسية التركية في مايو المقبل، قد تساهم في تحقيق انفراج في المشهد السوري، سواء في كسر العزلة عن نظام بشار الاسد، او في اعادة تحريك العجلة الاقتصادية من خلال البوابة التركية، في وقت يحتاج اردوغان الى تحقيق هدفين: الاول تعزيز حظوظه لتحقيق فوز مريح في الانتخابات، وثانيا، حلحلة ازمة وجود ملايين النازحين السوريين في داخل تركيا، مع التركيز -دوما- على ما تراه أنقرة من "تهديد" يتمثل في الفصائل الكردية في شمالي العراق وسورية.
المنطقة وصراعات القوى
بيد أن المراقبين يؤكدون أنه لا يمكن التكهن بطبيعة الرمال المتحركة في المنطقة كونها مرتبطة بصراعات وتوازنات القوى العالمية، ليس بالإمكان رسم صورة من الخيارات التي قد تسير اليها دول المنطقة، في ظل حدث عالمي يترك بالفعل تداعياته على المنطقة الاوسع، يتمثل بالحرب الروسية-الاوكرانية التي ألحقت شظاياها إصابات مباشرة باقتصاد العالم وتوازناته وسياساته وخططه العسكرية والأمنية.
العراق على المحك
وبالنسبة للعراق سيكون عام 2023 اختباراً صعباً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعدما استقرت له أمور السلطة إلى حد ما، ولهذا فإن العراقيين سينظرون الى السنة الجديدة على انها المحك الحقيقي لقدرة السوداني على اختراع "معجزات" تخلصهم من ثقل الهموم السياسية والامنية والاقتصادية المتراكمة، او بأقل التقديرات، مراقبة ما إذا سيحقق ولو "بعض" الانجازات التي تساهم في تحسين معيشتهم.
لكن عيون العراقيين، وغيرهم في المنطقة، ستكون أيضاً متجهة إلى منطقتين الأولى إيران حيث تشتد الاحتجاجات ضد نظام خامنئي والمآلات التي ستتجه اليها خنادق الحرب الاوكرانية، حيث يرجح الغربيون، صمود حكومة كييف، وتخبط القوات الروسية في وحول ما بعد شهور الصقيع والثلوج، وهو ما شأنه أن يترك آثاره على دور روسيا الاقليمي، من إيران الى العراق وسورية وصولاً إلى تركيا.
أميركا المقسمة.. والمنقسمة
شهد عام 2022 أحداثاً استثنائية منها انتخابات نصفية صعبة لجو بايدن وحزبه الديمقراطي في الولايات المتحدة، رغم أن أداء الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس كان سئياً، فإن الانقسامات الاجتماعية والثقافية حول الإجهاض والأسلحة وغيرها من القضايا الساخنة استمرت في الاتساع بعد سلسلة من الأحكام المثيرة للجدل التي أصدرتها المحكمة العليا الى جانب استمرار التضخم وارتفاع اسعار الطاقة وسيزيد دخول دونالد ترمب الرسمي إلى السباق الرئاسي عام 2024 ذلك الانقسام.
العالم مرتهن للحرب الأوكرانية
الأزمات الإقليمية وحتى العالمية المتوقعة لعام 2023، ترتهن بشكل كامل لاستمرار الحرب الأوكرانية، سياقاتها المتأزمة مع روسيا والغرب وما أفرزته من مسارات معقدة، ألقت بظلالها السلبية على أقاليم العالم الممتدة قي صورة أزمات اقتصادية واجتماعية ومن ثم أمنية، بالتوازي مع تزايد حدة التوتر الصيني الأميركي سياسيا اقتصادياً وتجارياً وحتى عسكرياً؛ ما يجعل المشهد العالمي في 2023 بمنزلة صدى لأزمات مرحلة لعام 2022. وسيظل المحرك الرئيسي للأحداث في العالم اليوم هي الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا، وسيتعين على العالم التعامل مع تأثيرات الصراع في أوكرانيا على الجغرافيا السياسية والأمن، وعناء السيطرة على التضخم، والفوضى في أسواق الطاقة.
أزمة الطاقة والإمدادات
ويبدو أن التأثيرات الممتدة لهذه الحرب ستظل ماثلة في عام 2023 في العديد من القضايا المتداخلة التي تواجه العالم، ومنها عدم القدرة على التنبؤ لمخرجات الصراع في أوكرانيا وتداعياته المحتملة على الأمن العالمي، وعلاقات القوى الدولية ببعضها، وهيكل النظام الدولي، فضلاً عن شبكة التحالفات العالمية والإقليمية. يُضاف إلى ذلك، القضايا ذات الصلة بمحاولات السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، واتجاهات أسواق الطاقة فضلاً عن التغيرات في العالم.
اتجاهات التضخم
ويتوقف تحديد أسعار الطاقة، واتجاهات التضخم، ومعدلات الفائدة، والنمو الاقتصادي، ونقص الغذاء كلها على مآلات الصراع في أوكرانيا في الشهور المقبلة وستدخل الاقتصادات الكبرى في حالة ركود بينما ترفع البنوك المركزية معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم، وهو تأثير ناجم عن الوباء تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في تأجيجه. وينبغي أن يكون الركود في أميركا معتدلاً نسبياً، في حين سيصبح أشد قسوة في أوروبا. وبحسب المراقبين فإن العالم يتأهب لطريقة مختلفة للترابط الإقليمي والدولي، وسوف يشهد العالم سلسلة من القرارات السياسية المتشابكة بين دوله، تتصاعد مهددات تعدد الاقطاب كأحد السيناريوهات المحتملة وسيظهر المشهد في كثير من الدول بقناع بعيدا عن شكل الخرائط المتلائمة مع الهويات السياسية وهذا يتطلب من الدول المحافظة على قواعد هوياتها حتى لا تذوي وتجف أمام تيارات التنافس. العالم مقبل على سنة حافلة بالتحديات وعلى رأسها ظاهرة التغير المناخي وخطر نشوب صراعات جديدة بين الدول، والذي يتفاقم بسبب انهيار النظام الدولي القائم على القواعد، وانتشار الأسلحة الفتاكة.
التنافس الأميركي الصيني
من المتوقع تعاظم التنافس الصيني-الأميركي خلال 2023 والذي سينتج تعدد للاقطاب. والسؤال الذي يطرح نفسه من سيصنع قطب العالم ليست الحرب بل هي الشراكات السياسية الاقتصادية والتحالفات الدبلوماسية، والحقيقة القائمة اليوم هي أن أميركا تخسر قوتها الناعمة بشكل تدريجي لصالح الصين كما يبدو، فميزان العالم اليوم يتطلب الكثير من الأوزان غير العسكرية لكي ترجح كفة عن أخرى.
وتفرض التغيرات الجيوسياسية العالمية على دول الشرق الأوسط إعادة تقييم جماعي للمسائل، ستقودها إلى عقد تحالفات جديدة بمفهوم "الإقليمية الجديدة"، أي تلك التي بدأت بالفعل تتكون مشكلة نسيجا من الشراكات، التي لا تزال عاجزة حتى الآن عن مواجهة الأزمات المزمنة في المنطقة، الذي يضعها كمعادلة صعبة.
تمثل الحالة الإقليمية مكانة وسطاً في التحليل السياسي الدولي ما بين حالة الدولة الوطنية وإطارها "الجيوسياسي"، تعاوناً وتنافساً، والنظام الدولي المعبّر عن توزيع القوة الهرمي بين القوى الرئيسية في العالم. وفي هذا الموقع الوسطي، تولدت روابط إقليمية قامت أحياناً على التحالف العسكري، وأحيانا أخرى على العلاقات الاقتصادية. ولعل الغرض الدائم من الروابط الإقليمية هو الاستفادة من القرب الجغرافي، وبزوغ تهديدات ومصالح مشتركة بين الدول.
على مدار الاثني عشر شهراً الفائتة، تعاقبت على المنطقة العربية الأحداث التي لعبت دوراً محورياً بعضها مرتبط بالمشهد السياسي، أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي. المشهد الإقليمي سيكون محور الصراعات والتجاذبات.
کریڈٹ: انڈیپنڈنٹ نیوز پاکستان-آئی این پی