يمتلك سمو ولي العهد كاريزما عالية قلّما يتميز بها أي من قادة العالم، واعتادت الأضواء الإعلامية والكاميرات أن تتبعه أينما حل وأينما ارتحل؛ لجاذبية شخصيته والتي حباه الله بها؛ حيث اكتسب الأمير محمد بن سلمان نفوذًا وتأثيرًا متزايدًا، وظهرت لغة جسده وذكائه بشكل متعاظم، والتي جعلته مثار حديث الإعلام وأروقة السياسة في زيارته لفرنسا التي استغرقت عشرة أيام؛ كونه الأكثر شبابًا إذا ما قورن بالقيادات الأخرى المشاركة في القمة من أجل ميثاق مالي جديد، والتي حضرها قادة ما يقارب 50 دولة معظمها من الدول الصاعدة من دول عدم الانحياز.
الأمير محمد بن سلمان أنهى زيارة مهمة لفرنسا كانت ثلاثية الأبعاد، تمثل البعد الأول في لقائه مع الرئيس الفرنسي ماكرون بقصر الإليزيه، والذي عزز من خلاله الشراكة الاستراتيجية مع فرنسا والتي تعد شريكًا موثوقًا للمملكة، والبعد الثاني هو مشاركة سمو ولي العهد في احتفال إعلان ترشح الرياض لاستقبال “إكسبو 2030″، وهو الأمر الذي حقق للمملكة أثرًا سياسيًا ودعمًا كبيرًا لحصول المملكة على التصويت في نوفمبر، أما البعد الثالث فهو مشاركة الأمير محمد بن سلمان في القمة الدولية للتوصل إلى ميثاق مالي دولي؛ بهدف ضخ الأموال والاستثمارات الخاصة والعامة للدول والشعوب الأكثر حاجة لها وإبعاد شبح الفقر ومساعدتها في إنجاز التحول في الطاقة والبيئة.
وظهرت الزعامة السعودية الصاعدة في شخصية الأمير محمد بن سلمان في فرنسا؛ من خلال إبراز عناصر القوة لبلاده المتمتعة بموقع جيوسياسي واقتصادي ونفطي مميز ولكونها بلدًا عربيًا وإسلاميًا مركزيًا ومن أبرز منتجي الطاقة وذات الاقتصاد الواعد والجيل الشاب المتحفز؛ حيث صاغ ولي العهد السعودي رؤية 2030 وفق منهج التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل.
ويُعدّ الأمير محمد بن سلمان قائدًا يمتلك الحضور القوي، والتأثير في الآخرين، ومَلَكة القيادة، والتخاطب، وقد لاحظ المراقبون الفرنسيون في المناسبات الثلاثة التي شارك فيها بفرنسا تعاظم دوره وتأثيره الإقليمي والعالمي في خضم المعطيات السياسية والأزمات والمخاطر العالمية، وظهرت شخصية الأمير الشاب الجاذبة مع لغة جسده الهادئة، حاملًا معه مكامن الثروات السعودية والنشاط والهمّة والعزم والحماس والعزيمة، فضلًا عن أن لديه رؤية واضحة للسعودية لإيصالها لمصاف الدول العالمية ووضعها في مكانةٍ أكثر تقدمًا وازدهارًا تليق بها في المحيط العالمي.
لغة التفاؤل
تسيطر لغة “التفاؤل” على خطاب سموّ وليّ العهد، وهو يستند إلى معطيات عقلية وإحصائيات وأرقام حاضرة في ذهنه، ولديه إدراك كامل بقدرات المملكة، فتلك من العوامل التي ساعدت في تأكيد الخطاب التفاؤلي لسموّ وليّ العهد؛ لتحقيق رؤاه وأحلامه وقوامها الأساسي مقدّرات المملكة وقدرات المواطن، فضلًا عن الإرادة وحُسن استغلال الموارد.
لقد حقق محمد بن سلمان تأثيرًا في مسار السياسة الاستراتيجية العالمية مؤخرًا، وحافظ ولي العهد على موقعه المتقدم من ضمن قادة العالم المؤثرين في صناعة القرار العالمي؛ ما يعطي دلالة واضحة على المكانة الرفيعة التي أصبح يتبوأها إقليميًا ودوليًا وعكسه صورة إيجابية عن السعودية الجديدة؛ إذ شكّلت الرؤية 2030 نقطة الارتكاز التي حملها سموه؛ من خلال خطابه الشفاف والصريح ولغته السهلة الممتنعة والمباشرة، والتي نقلت المملكة إلى فضاء عالمي جديد نظير قراءته الشاملة الجيو-استراتيجية للأوضاع العالمية وإلمامه التام بكل الظروف التي تمر بها المنطقة.
لقد اكتشف العالم أن السعودية تملك قوة رؤية 2030، فالمشاريع تتزاحم على الأجندة الوطنية وحسابات المستقبل للسلام تنتقل من منطقة إلى أخرى؛ كونها حملت رسالة الإسلام السامية والتسامح والوسطية والاعتدال. إن عنصر نجاح نهج عرّاب الرؤية هو قدرته على إنجاز التحولات الداخلية والتعامل مع المخاطر الخارجية في منطقة موجودة على صفيح ساخن في سياق الفوضى العالمية والتجاذبات الدولية. مشى الأمير الشاب محمد بن سلمان بخطوات ثابتة وواثقة لاعادة تموضع المملكة في معقل الاتحاد الأوروبي ووضع بصمته الإيجابية، والتف حوله قيادات العالم التي شاركت في القم كونه رجل المهمات الصعبة والمتعددة.
الحراك غير المسبوق الذي أحدثه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في فرنسا، وحجم النقلة التي شهدتها المملكة على الخريطة العالمية ستكون لها آثار إيجابية لرسم مستقبل العلاقات مع التكتلات العالمية.. فبالنسبة للرياض تمثل هذه الخطوة علامة فارقة جديدة في إعادة بناء شبكة التحالفات الدولية للمملكة، وتوسيع قاعدة الشراكات الاستراتيجية مع دول حول العالم، بناءً على التنوع والاستفادة من مجموعة واسعة من المصالح المشتركة بين الرياض وتلك الدول، ولهذا أثر إيجابي في اقتصاد المملكة وقدرتها وتأثيرها ومكانتها الإقليمية والدولية.
ولا شك أن زيارة محمد بن سلمان إلى فرنسا في هذا الوقت ذات أهمية رئيسية، وذلك مع تزايد ثقل الأزمة الأوكرانية، لا سيما على المستوى الاقتصادي، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الدعم القوي لشركاء المملكة الأوروبيين.
وحظي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحصة الأسد من القمة، سواء بالاجتماعات أو استقطاب الأنظار من خلال سجلات القوة والتمكين، التي جلبها معه قادمًا من الرياض.
إنها كاريزما محمد بن سلمان التي أبهرت وحققت في عشرة أيام ما لم يحققه أحد، ونجح الأمير الشاب في تعزيز القوة الاقتصادية الكبيرة للمملكة. إنها كاريزما الشفافية والمصارحة والثقة والاعتزاز بالهوية.. كاريزما سعة الأفق تجاه التطورات الإقليمية والعالمية قلّما يتميز بها أي من قادة العالم، عزز خلالها الأمير محمد الشراكة الاستراتيجية ضمن رؤية 2030؛ لإيمانه بأنها الطريق نحو المستقبل.
فكانت القصة مختلفة ومتميزة كالعادة، فانفرد ولي العهد بالأضواء رغم كونه القائد الأصغر سنًا بين الزعماء، نجح الأمير محمد بن سلمان إعلاميًا وسياسيًا في إعطاء صورة عن السعودية الجديدة، وأثبت أن كاريزما الزعامة حققت حضورها عالميًا.
کریڈٹ: انڈیپنڈنٹ نیوز پاکستان-آئی این پی